السياسة – في الإسلام – هي عملية متعددة الجوانب تهدف إلى الحفاظ على وجود الأمة وكيانها من خلال: رعاية شئونها ومصالحها، والدفاع عن ثقافتها وحضارتها، وحماية أوطانها وحدودها، ومواجهة التحديات التي تهدد وجودها، والحفاظ على هيبتها، والارتقاء بها إلى موقع الأستاذية بين الأمم، وأداء رسالتها الإسلامية

وتشمل هذه العملية كل ما من شأنه أن يحقق ما سبق (رعاية شئون الأمة) في أي من المجالات التالية: التربوية والتعليمية، والثقافية، والإعلامية، والتجارية والاقتصادية، والعمل والإنتاج بكل أنواعه، والصحية والبيئية، والإدارية ونظام الحكم، والسلطة، والعسكرية، والأمنية، والاجتماعية، والعلاقات الدولية، والفنية الرياضية...

ولذلك ليس صحيحاً ما يزعمه البعض – من دعاة فصل الإسلام عن السياسة – أن السياسة تقتصر على شؤون الحكم والسلطة والعلاقات الدولية، وأن لا علاقة للسياسة بالدين.

كما أن الحديث عن السياسة والتعامل مع أمورها وكأنها رجس من عمل الشيطان هو خطأ كبير يتعارض مع الشرع والعقل والمنطق، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

والمسؤولية السياسة، والعمل السياسي بهذا المفهوم الشامل، لا تقتصر على النظام الحاكم والسلطة، بل هي مسؤولية فردية وجماعية يشترك فيها الجميع، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها الأمة الإسلامية والتي تتمثل في تقسيمها إلى دويلات وشعوب، حيث انتقلت هذه الشعوب من الاهتمام بالأمة إلى الاهتمام بالوطن والبلد الصغير، بل كثير من المسلمين في هذه الدول الفتات لا ينشغلون إلا بما يحقق مصالحهم الفردية حتى وإن ذلك إلى الإضرار بمصالح الأمة وتمكين الأعداء من انيل منها والانتصار عليها