الوعي هو إدراك الإنسان لما حوله، وشعوره بنفسه وما يحيط به، وفهمه للواقع الذي يعيش فيه، ورؤيته الواضحة لطريق نجاحه وتحقيق أهدافه.

وعرف آخرون الوعي بأنه إدراك الفرد ومؤسسات المجتمع المختلفة بمسؤولياتهم الكبرى في بناء الشخصية الإنسانية المتكاملة والسعي في دفع عملية النهضة والتقدم المعنوي والمادي من خلال إصلاح الفكر والسلوك والواقع.

أما الوعي السياسي فقد عرفه علماء الأمة بأنه إدراك واقع المسلمين وواقع العالم، بكل ما يعنيه ذلك من معرفة طبيعة العصر، ومشكلات البشر، والقوى الفاعلة والمؤثرة – الظاهرة والخفيّة – في مواقع القرار، لتكون هذه المعرفة مساعدة في حسن رعاية الأمة ومصالحها، كما في دفع المفاسد والأخطار عنها.

لذلك فالوعي السياسي من وجهة نظر إسلامية، هو إدراك الإنسان لما حوله على أساس العقيدة الإسلامية ومن خلال علاقته بمكونات الأمة والمجتمع الذي يعيش فيه وثقافته وتاريخه، وشعوره بنفسه وما يحيط به، وفهمه للواقع الذي يعيش فيه، ورؤيته الواضحة لطريق نجاحه وتحقيق أهدافه، وذلك في إطار من التزام الفرد بالإسلام – فكراً ومنهجاً وسلوكاً – وشعوره بالمسؤولية تجاه الأمة وقضاياها، وتَبَصُّره الدائم والهادف لدوره في نهضة الأمة، وامتلاكه دوافع العمل الجماعي للدفاع عن الأمة والعمل من أجل رقيها ورفعتها.

وبهذا يكون الوعي السياسي الفاعل هو أحد أهم ضرورات تحقيق أهداف السياسة والعمل السياسي على المستويين الفردي والجماعي.

سؤال: ولكن كيف يمكن أن يتحقق الوعي لدى الأفراد؟ هل يتحقق بالحصول على المعرفة من خلال جمع المعلومات وحفظها؟

الإجابة: المعرفة ضرورية للوعي السياسي ولكنها غير كافية، فتحقيق الوعي السياسي يحتاج بالإضافة للمعرفة:
1. جهد ووعي جماعي لا يتحقق إلا من خلال الانتماء إلى حركات الإسلام السياسي الفاعلة والولاء السياسي والشرعي للمسلمين،
2. وتحمل للمسؤولية من خلال الالتزام الشامل بالإسلام،
3. ودوافع قوية لا يمتلكها الفرد أو الجماعة إلا بإخلاص العمل لوجه الله عز وجل واحتساب المعاناة عنده تعالى وطلب مرضاته،
4. وتحصين العقل من الآفات التي تفتك به وتجعل صاحبه فريسة سائغة لوسائل التضليل الإعلامي والدعاية السياسية والحرب النفسية،
5. وثقة بنصر الله عز وجل للمسلمين وبأن المستقبل لهذا الدين العظيم الإسلام.

سؤال: هل يحتاج الفرد المسلم أن يكون على وعي كامل بالفقه والعلوم الشرعية والتاريخ والاقتصاد والإعلام والثقافة وغير ذلك من العلوم والمعارف حتى يتحقق لديه الوعي السياسي؟

الإجابة: ليس بالضرورة، فتحقق العناصر الخمسة السابقة يغني عن ذلك ويحقق للمسلم الوعي السياسي.

وتجدر الإشارة إلى أن الوعي السياسي ليس مجرد علم ومعرفة، بل يجب أن يكون مقرونا بالعمل، ويجب كذلك أن يؤدي بصاحبه إلى الفاعلية والإيجابية والمبادرة إلى العمل من أجل أصلاح المجتمع ونهضة الأمة الإسلامية. أما من يعي ولا يعمل فلا قيمة لوعيه ولا يعتبر حقيقة ممن يتمتعون بالوعي السياسي