الوعي السياسي هو من أهم أدوات تشكيل الرأي العام الجماهيري في مجتمعاتنا وبلادنا وتوظيف طاقات الأفراد وإمكاناتهم وتوحيد مواقفهم واستثمار مواقع التأثير والنفوذ والسلطة التي يتمتعون بها في المجتمع ومؤسساته المتنوعة من أجل تحقيق التغيير المطلوب والوصول إلى الأهداف المنشودة من هذا التغيير، ولتحقيق هذا التغيير لا بد من العمل السياسي والإعلامي والتعليمي والتربوي والدعوي والثقافي والفني والرياضي والتجاري... 

ولإدراك أهمية الوعي السياسي، أقتبس لكم كلام الداعية الفاضل الأستاذ/ فتحي يكن في هذا المجال:

إنَّ غياب الوعي السياسيِّ يعني اضطِّراب وتعثُّر شؤون الناس، وهو حالةٌ شبيهةٌ بحالة فقدان الوزن وانعدام الرؤيا، ونتيجته ضياع مصالح المسلمين، وتفاقم وتعاظم المفاسد بينهم وحولهم، وبالتالي ضعفهم وانهيارهم، وتعطُّل دورهم كأمَّةٍ ظاهرةٍ بين الأمم، آمرةٍ بالمعروف، ناهيةٍ عن المنكر، شاهدةٍ على الناس، مصداقاً لقوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمَّةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"، وفي لفتةٍ سريعةٍ إلى دور الأمَّة الإسلاميَّة في الحياة يقول تعالى: "كنتم خير أمَّةٍ أُخرِجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهَون عن المنكر وتؤمنون بالله".

يقول الأستاذ الشيخ محمَّد الغزاليُّ رحمه الله: "إنَّ الفكر السياسيَّ عند جمهرة المتديِّنين يتَّسم بالقصور البالغ.. إنَّهم يرون الفساد ولا يعرفون سببه، ويقرؤون التاريخ ولا يكشفون عبره.. ويقال لهم: كان لنا ماضٍ عزيزٌ فلا يعرفون سرَّ هذه العزَّة.. وانهزمنا في عصر كذا، فلا يدركون سبب هذه الكبوة" نقلاً من كتاب "الحركة الإسلاميَّة، رؤيةٌ مستقبليَّة" لمجموعةٍ من الكتَّاب

كما أقتبس لحضراتكم هذا الكلام الجميل المتعلق بالآثار المترتبة على غياب الوعي السياسي:

1‌- عدم فهم اللغة السياسية التي يتخاطب بها الناس من حولنا، سواء على مستوى الألفاظ ومدلولها، أو على مستوى الأساليب وأبعادها، كمصطلحات: النظام الدولي الجديد، والشرق الأوسط، والتطرُّف، والأصوليَّة، ومقاومة الإرهاب، واللوبي الصهيوني، وصدام الحضارات، والعولمة،..إلخ.
2 ـ عدم القدرة على استقراء اتِّجاهات الأحداث في العالم.
ج‌- العجز عن وضع الخطط المناسبة للتحرُّك.
3‌- تنفيذ خطط القوى المعادية وخدمة أهدافها دون الشعور بذلك.
4- الوقوع في تناقضات حول الخطوات المناسبة للمواجهة.
5‌- السقوط في مصيدة الاختراق السياسي – الفكري، وهذا مما يبلبل المسيرة.
6- عدم الاستفادة من الفرص المتاحة ونقاط الضعف في جسم العدوِّ السياسي.
7‌- الانشغال بغير العدوِّ الحقيقي، والاشتباك مع التيَّارات الأخرى الموازية أو الحليفة المفترضة.
8 - فقدان الثقة بالعمل الشعبي المنظَّم كأداة صراعٍ ضدَّ الخصوم.
9‌- ضياع الفرص المناسبة، مع عدم الانتباه إلى الخسائر الراهنة والبعيدة المدى